فارمسي ون المثال الحي على تواضع إدارة خدمات الزبائن والشاهد على الاسترقاق المعاصر
قبل أن يصل الزائر من
الزبائن لأي فرع من فروع سلسلة صيدليات "فارمسي ون" في الأردن يكون على
علم ويقين تام في قرارة نفسه بأنه سيكون على موعد مع اختبار المقدرة على الصبر
كونه سيكون مضطراً للانتظار في طابور طويل قبل الوصول للصيدلاني.
على الرغم من أن هذه
الظاهرة ليست جديدة العهد لدى "فارمسي ون"، التي تطلق على نفسها
"سلسلة الصيدليات الرائدة في المنطقة"، إلا أنها مستمرة ولا تجد من
يتبرع من القائمين على السلسلة لإيجاد الحل المناسب لها.
المسألة على قدر بساطتها
إلا أنها على قدر من التعقيد؛ فهي لا تخص "فارمسي ون" وحدها، كونها تعتبر
في هذا المقام مثالاً حياً وشاهداً من شواهد تواضع خدمات الزبائن وإدارتها في معظم
مؤسسات الأردن - خاصة الخدمية منها، لعدم إيلائها الأهمية التي تحتاجها، ما ينعكس
سلباً على تقدمها، ويشير بدوره لتواضع كل من التخطيط الاستراتيجي العام، وتخطيط الموارد
وتحديد أعداد الموظفين المناسبة بالنسبة لحجم العمل والإقبال على الخدمات، وتطوير
هذه الموارد وتوفير بيئة عمل مثالية لها، والاستعداد والتكيف مع المتغيرات التي
تشمل نمو قاعدة الزبائن، بالإضافة لتواضع القدرة على مواكبة الممارسات المهنية
العصرية في مجال خدمات الزبائن ورعايتهم، وهي أمور مرتبطة جميعها بتميز الأداء من
حيث السرعة والكفاءة في تلبية الاحتياجات ومواءمة التوقعات التي تؤثر على رضى
الزبائن، وبالتالي على سمعة وتقدم واستدامة ونمو المؤسسات.
واقع خدمات الزبائن الذي
يحتاج لثورة حقيقية في الأردن تماماً كتلك التي يجهد القائمون على المؤسسات أنفسهم
لإحداثها في واقع الحلول والخدمات والمنتجات التي يقدمونها ضمن قطاعاتهم على
اختلافها، والهوة الكبيرة بين حجم القوى العاملة وحجم العمل في المؤسسة الواحدة التي تحتاج لمراجعة وتقييم وسعي حقيقي لتقليصها، ما هو إلا دليل على سطوة الجشع
الإنساني وانعدام أخلاقيات الرأسمالية التجارية المعاصرة، فمن ظن متوهماً أن
مزادات الضحك على الذقون وأن حقبة الاستعباد والاستغلال انتهت فهو مخطئ، فشكل
وهيئة وممارسات أكابر المجرمين تغيرت وتطورت مع تغير وتطور الزمان.
Comments
Post a Comment