لا تضعوا لنا صور أطباقكم إلا إن كانت تشبه أطباق قناة فود نتورك أيها السايكو-إلكترونيون
مع التطور الهائل للتقنية
ووسائلها وأجهزتها وانتشار استخدامها بين الناس على نطاق واسع، كشفت التكنولوجيا
عن وجهها القبيح، كما كشفت عن وجه آخر لبعض مستخدميها؛ فلم يعد هناك من يستطيع
العيش دون الانخراط في أحد وسائلها التي أصبحت تتحكم في أدق تفاصيل الحياة اليومية
وفي السلوكيات التي تشير لأمراض نفسية "سايكو-إلكترونية" ولدتها
التقنية أو كشفت عن وجودها خاصة مع الإفراط في إساءة استخدامها الذي انعكس سلباً على
الارتباط مع البشر والمشاعر لصالح الارتباط مع الأجهزة والآلات.
ومن أهم إفرازات
التكنولوجيا النفسية مشكلة إلغاء خصوصية الحياة، نظراً للرغبة
الدائمة بنشر تفاصيلها على تفاهتها أحياناً وعلى انعدام أهميتها بالنسبة
للآخرين ومشاركتها معهم رغم أنوفهم، كمشاركة الجميع بطبق اليوم ووجبة اليوم مهما
كانت ومهما كانت مكوناتها وشكلها ومكان تناولها، الأمر الذي ينم عن قدر كبير من حب
الاستعراض والتباهي، كما ينم عن الشعور بنقص كبير في الحياة الواقعية لا يعوض عنه
سوى جمع أكبر عدد من الإعجابات والتعليقات التي تأتي كنوع من التواصل الصامت والمجاملات
الافتراضية لإبقاء العلاقة مع أصحاب الصور على قيد الحياة أو لإبراز قوة العلاقة
في الحياتين الواقعية والافتراضية.
لا مانع من التقاط صور
أطباق الطعام ونشرها على مواقع التواصل إن كان الهدف من ذلك إبراز مجهود صانعها إن
كان خبيراً في تحضير الطعام أو شيفاً، كما أنه لا مانع من ذلك إن كان الهدف تسويق
أطعمة مطعم ما لو كان ناشر الصور مسوقاً إلكترونياً لشركات مطاعم علماً بأن هذا
النوع من المهن ومن محض رأي شخصي فهو مبتذل نوعاً ما كون دخله لا يتجاوز وجبة من
المطعم في أغلب الأحيان. كذلك، فإنه لا مانع من التقاط صور أطباق الطعام ونشرها من
قبل محترفي الطبخ والتصوير إن كان الهدف من ذلك استخدامها في مشروع فني يغير مفهوم
تصوير أطباق الطعام، أو استخدامها في الإعلانات وقوائم الطعام ومجلات الطبخ
والتصوير لتعليم أساليبهما وخطواتهما. إنه لا مانع من التقاط صور أطباق الطعام
ونشرها حتى من قبل شخص طال انتظاره للحصول على الطبق من مطعم شهرته تضاهي شهرة
مطعم "The Fat Duck" الذي قد تتجاوز فترة
الانتظار لتأكيد الحجز لديه قرابة الستة أشهر.
لا مانع من التقاط صور
الطعام ونشرها، لكن الأمر المستهجن والمعيب أن تصبح هذه عادة عند كل طبق طعام
تتناوله أو يتناوله غيرك فتثنيه عن البدء بالأكل لالتقاط صور طبقه. كذلك، فإنه من المزعج
أن تواصل عادتك التي أثبتت الدراسات حولها بأنها تقلل من إحساسك وإحساس مشاهدي صورك بمذاق الطعام؛ إذ أن صور الطعام تشبع مشاهدها من المذاق دون أن يأكل من الأكل ذاته
مما يفقده الشهية ويمنعه من الاستمتاع بوجبته الخاصة.
إن عادة التقاط صور الطعام
ونشرها مرضاً "سايكو-إلكترونياً" يتفشى بالعدوى عند التابعين والمنقادين
للغير بسهولة، إنها عادة لا تؤثر فقط على من يمارسها، بل تؤثر على الآخرين ممن
يشاهدون تلك الصور، فلتكفوا عن إفساد شهية البعض منهم، وعن دفع البعض الآخر
لاستنساخ حياتكم وتقليدها، ولا تضعوا لنا صور أطباقكم إلا إن كانت تشبه أطباق قناة
Food Network، أو أطباق قائمة مطعم The Fat Duck، أو أطباق
المصورة نورا لوثر في مشروعها "وصفات طعام" الذي أنجزته مع الطباخ بافل لإظهار مكونات ووصفات الأطباق بطريقة فنية غير تقليدية، أو كصور وصفات أطباق مجلة Bon Appetit.
Bon Appetit من مجلة |
من مشروع المصورة نورا لوثر |
Food Network من قناة |
The Fat Duck من قائمة مطعم |
Comments
Post a Comment