Skip to main content

لغويات الشارع وشتائمه ومزالق ترجمتها من الإنجليزية إلى العربية في الأعمال (السمع-بصرية)

تعتبر الترجمة السمع-بصرية (المواد الدرامية) كغيرها من أنواع الترجمات، فهي تخضع لكل مقومات الترجمة وشروطها، إلا أنها تعد الأصعب كون الترجمة تجري على نصوص مؤلفة باللغة العامية المحكية، الأمر الذي يتطلب أولاً تفكيك لغة الحوار العامي بما تتضمنه من مفردات وتركيبات لغويات الشارع التي تكون في أغلب الأحيان بذيئة، ومن ثم الانتقال إلى مرحلة الترجمة إلى العربية الفصيحة مع مراعاة نقل المفهوم والدلالة اللفظية من الإنجليزية إلى العربية دون الاقتصار على الترجمة الحرفية، وبما يتوافق مع الثقافة المجتمعية للشعوب العربية المختلفة لتجنب الوقوع في فخ اللهجات وإنتاج نصوص بعبارات مفخخة، أو قاصرة، أو خالية من المعنى، أو غير متناسبة مع المواقف التي استخدمت بها، أو غير مقبولة على مستوى المجتمع وذوقه العام، أو إنتاج نصوص بعبارات ومفردات تحمل معانٍ مخفية.

وفي الواقع، فإن الترجمة (السمع-بصرية) ليست بالأمر السهل على الإطلاق؛ إذ أنها تتطلب إلى جانب المعرفة والخبرة في إدراك لغويات الحوار العامي والشارع والشتائم - والتي تكتسب عادة من النزول إلى الشارع - تمتع المترجم بأخلاقيات الترجمة المتضمنة الرقابة الذاتية، لما لها من تبعات قد توقع المجتمع بأكمله في فخ "السقوط في العادي"، أي جعل التعامل بالمفردات غير النظيفة، سواء كانت بذيئة أو شركية، وبالعبارات المنضوية على أفكار غريبة وبعيدة عن الموروثات والقيم والأخلاق والتقاليد، يدخل في نطاق العادي والمتداول، وذلك لدى اعتمادها في الترجمة وتخلي المترجم عن قواعد التعامل مع النص بما يليق باللغة العربية وبأصحابها، واكتفائه بالترجمة الحرفية التي لا تخضع لأي نوع من أنواع الرقابة الذاتية لديه، وبالتالي إنتاجه لنصوص مترجمة هي أبعد ما تكون عن الترجمة الثقافية.

الترجمة علم وفن ومهارة، لها نظرياتها واستراتيجياتها وأصولها، إلى جانب كونها أمانة؛ فهي تتطلب تحويل عناصر ومكونات النص الأصلي إلى لغة أخرى بكل أمانة لإنتاج نص جديد بلغة ثانية تحمل ألفاظاً نظيفة دون الخروج عن النص الأصلي، فاتقوا الله في أماناتكم يا معشر المترجمين.

Comments

Popular posts from this blog

119 كلمة تختزل الشارع الأردني

اللهجة هي لغة الإنسان المحكية التي جُبِل عليها فاعتادها، والتي تنتمي المفردات فيها لبيئة جغرافية أو اجتماعية محددة، فتميز أهلها، وهي تعبر عن تفاصيل وأحوال الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. على الرغم من ثبات اللهجة، إلا أن مفرداتها التي لا يمكن إسقاطها أو إنكارها، قد تتبدل وتتغير من جيل إلى آخر حسب مستجدات الواقع المعاش وتأثير الزمان والبيئة المكانية والاجتماعية. وتتفرد اللهجة المحلية في الأردن بالكثير من الكلمات والمفردات والتعبيرات والتراكيب التي يتم تداولها في الشارع والمنزل والعمل وبين الأصدقاء والمعارف، وذلك على الرغم من الاشتراك في العديد منها مع لهجات الدول القريبة حدودياً. تالياً أهم 119 كلمة تختزل الشارع الأردني وتعبر عن واقعه: 1.     نشمي/ة: صفة تطلق على من به من الصفات الحميدة الكثير، وتتمثل فيه قيم الشهامة والشجاعة والإقدام وعمل الخير وغيرها. تكاد تكون حكراً على الأردنيين من الذكور والإناث.   2.     هلا عمي: مرادف لرد التحية أو رد الشكر. 3.      لغة الدواوين: اللغة المتداولة بين الشباب من الجنسين، ...

شركة كيربي الأردن وتسويقها المتواضع التائه بين النظرية والتطبيق

بعيداً عما تسوقه شركة كيربي للأنظمة المتعددة للتكنولوجيا ووحدتها لتحليل وتنقية المياه، فإن أول ما يتبادر للأذهان حالياً عند سماع اسمها هو مدى صعوبة التسويق عبر الهاتف وتحقيق الأهداف التسويقية المرجوة باعتماده كأسلوب راسخ، إلى جانب مدى عدم قدرة هذه الشركة على تطوير استراتيجيتها التسويقية وصياغة أخرى عصرية وفعالة تتناسب مع حجم الطلب والاحتياج الحقيقي للمستهلكين، وتستهدف الزبائن المحتملين والمهتمين فعلياً. منذ ما يزيد عن 5 سنوات على أدنى تقدير، من منا لم يستقبل - وما زال - دورياً على خط هاتفه المنزلي الأرضي مكالمة من أحد مسوقي شركة كيربي لأخذ موعد لزيارة منزلية من أجل استعراض أحد منتجات الشركة من أجهزة تحليل وتنقية المياه. على الأغلب لا أحد لم يحظ بفرصة استقبال هذه المكالمة التي جرت العادة على إنهائها بتذكير المسوق المتصل بأنه سبق وأن قام بزيارة مستقبل المكالمة بعد عدد اتصالات لا يحصى، وبأن المستقبل لم يرغب حينها ولن يرغب في أي وقت لاحق بشراء المنتج. الحقيقة، إن شركة كيربي تمتلك فريقاً تسويقياً يتمتع بالصبر والمثابرة، وهما صفتان من أولويات التسويق، إلا أنه لا يتمتع بالقدرة على ا...

عباءة الخال أو العم تراث بلا مجد

بالرغم من التحولات الكبيرة التي طرأت على حفلات الأعراس والتي فرضتها الرغبة بمواكبة الحداثة، ما زال الكثير من الناس يصرون على المحافظة على روح الموروث الشعبي في أعراسهم عبر اتباع بعض العادات والتقاليد القديمة، وهذا أمر جيد لا يعترض عليه أحد، لكن ما يجب الاعتراض عليه هو مجموعة العادات والتقاليد المقيتة في مضمونها كعادة ارتداء العروس عباءة خالها أو عمها. لمن لا تعلم حقيقة وقصة عادة ارتداء عباءة (عباية/ عباة/ بشت) الخال أو العم، فبقراءة سريعة لها ستجد أنها مجد كاذب قصد به جلب منفعة للخال أو العم؛ ذلك أن موافقة الخال والعم كانت مطلوبة قديماً لمباركة الزواج، فيقوم أحدهما بإلباس العروس عباءته التي تعتبر من اللباس الكامل والأصيل والموروث عن الآباء والأجداد، كدليل على حرصه على تسليم العروس لعريسها برداء الوجاهة، وكإشارة منه لمكانة العروس وأهميتها، والتأكيد على رضاه عن ذلك الزواج، إلا أن السبب الحقيقي لهذه العادة مغاير تماماً. عباءة الخال أو العم كان هدفها التودد لهما بمبلغ مالي كي يأذنا للعروس بالذهاب مع عريسها. يقال أن الخال أو العم كانا في الغالب يتنازلان عن مطلبهما المالي، إلا أن ا...