Skip to main content

شركة كيربي الأردن وتسويقها المتواضع التائه بين النظرية والتطبيق

بعيداً عما تسوقه شركة كيربي للأنظمة المتعددة للتكنولوجيا ووحدتها لتحليل وتنقية المياه، فإن أول ما يتبادر للأذهان حالياً عند سماع اسمها هو مدى صعوبة التسويق عبر الهاتف وتحقيق الأهداف التسويقية المرجوة باعتماده كأسلوب راسخ، إلى جانب مدى عدم قدرة هذه الشركة على تطوير استراتيجيتها التسويقية وصياغة أخرى عصرية وفعالة تتناسب مع حجم الطلب والاحتياج الحقيقي للمستهلكين، وتستهدف الزبائن المحتملين والمهتمين فعلياً.

منذ ما يزيد عن 5 سنوات على أدنى تقدير، من منا لم يستقبل - وما زال - دورياً على خط هاتفه المنزلي الأرضي مكالمة من أحد مسوقي شركة كيربي لأخذ موعد لزيارة منزلية من أجل استعراض أحد منتجات الشركة من أجهزة تحليل وتنقية المياه. على الأغلب لا أحد لم يحظ بفرصة استقبال هذه المكالمة التي جرت العادة على إنهائها بتذكير المسوق المتصل بأنه سبق وأن قام بزيارة مستقبل المكالمة بعد عدد اتصالات لا يحصى، وبأن المستقبل لم يرغب حينها ولن يرغب في أي وقت لاحق بشراء المنتج.

الحقيقة، إن شركة كيربي تمتلك فريقاً تسويقياً يتمتع بالصبر والمثابرة، وهما صفتان من أولويات التسويق، إلا أنه لا يتمتع بالقدرة على استهداف شريحة الزبائن المناسبة وإقناعها تماماً بالمنتج المراد تسويقه بعد إبهارها بقيمة هذا المنتج ذات الأهمية؛ الأمر النابع من عدم إيلاء شركة كيربي نفسها الأولوية لعملية التسويق ولعدم إدراكها بأن التسويق يبدأ قبل الإنتاج بحقبة طويلة، فهو العنصر الأساسي في تمكينها من تحديد الأسواق الملائمة لإطلاق المنتج ضمنها، ولكيفية إطلاقه، ولتحديد سعر بيعه، وطريقة توزيعه والترويج له، وكيفية تعزيز انتشاره وحضوره ومن ثم الامتداد لما وراء الطلب الحالي.

كيف لها أن تدرك ذلك، وهي تمارس التسويق باعتباره طريقة للتخلص من منتجاتها، الأمر الذي يمكن استشعاره خلال المكالمة الهاتفية مع مسوقيها الذين لم ينجحوا حتى الآن بتصنيف الأشخاص على قائمة اتصالاتهم ضمن قاعدة بياناتهم إلى زبائن مهتمين أو محتملين وإلى آخرين غير مهتمين وبالتالي وبديهياً غير الواقعين ضمن دائرة الزبائن المحتملين، ما يحد من قدرتهم على التدرج للخطوة التالية وهي إقناع المهتمين والزبائن المحتملين بمزايا المنتج وإتمام عملية البيع، وتحويل غير المهتمين إلى مهتمين وضمهم لدائرة الزبائن المحتملين. قد يصعب عليهم ذلك بقدر ما يصعب عليهم التعرف على طبيعة الزبائن وعلى الأوقات المناسبة للاتصال بهم، وهي الخطوة التي يجدر دراستها أولاً من قبل الشركة قبل وضعها لاستراتيجيتها التسويقية ولدى أبحاثها ودراساتها السوقية الشاملة، وعند تحديدها لرؤيتها التسويقية ولمسؤوليات ووظائف وأهداف التسويق بالنسبة إليها، واختيار مسوقيها المؤهلين ومن ثم قيادتهم وفقاً لرؤيتها واستراتيجيتها المبنية على نتائج دراساتها.

إن عملية التسويق لا تقتصر على أصحاب المنتجات ومسوقيهم، بل إنها تمس المستهلكين الذين يعتبرون جزءاً لا يتجزأ منها ومن نظامها باعتبارهم مشاركين أساسيين به وبالتالي فإنهم على اطلاع ولو يسير على نشاط التسويق، ما يفرض على أي صاحب منتج ومسوق التعرف جيداً وقبل كل شيء إلى طبيعة التسويق الذي يعد فناً أكثر منه علماً دون إغفال ضرورة استناده إلى قواعد علمية، كما يتطلب منهم مواكبة الأساليب التسويقية الحديثة الفعالة وممارسة الأعمال التسويقية كما لم تتم ممارستها من قبل بعبقرية وإن تطلب الأمر بمرونة شديدة في التعامل مع أي تحديات أو متغيرات تواجههم بما فيها انخفاض الطلب أو انعدامه، فها هي شركة نوكيا تأتي كخير مثال على قلب الموازين لصالحها بعد تعرضها لهزة أطاحت بنجاحها بسبب المنافسة وذلك لدى ترويجها لهاتفها Lumia في خطوة قامت بها لاستعادة مكانتها السابقة، فيما تأتي طاقة ريد بول وقلم سامسونج ودقة بحث جوجل ومتعة قيادة تويوتا وغيرها الكثير كمثال على الأفكار التسويقية الذكية والرؤى المبتكرة المتسمة بروح التغيير والتطوير.

إنه ليمكنك تعلم التسويق في يوم، لكنك ستحتاج عمراً بأكمله كي تتقن فن التسويق، كذلك فإنه لخير لك أن تصل متأخراً بدلاً من أن لا تصل إطلاقاً مع الأخذ بعين الاعتبار أنه في أحيان كثيرة لا قيمة للوصول بعد أن تكون الطيور قد طارت بأرزاقها.

Comments

Popular posts from this blog

119 كلمة تختزل الشارع الأردني

اللهجة هي لغة الإنسان المحكية التي جُبِل عليها فاعتادها، والتي تنتمي المفردات فيها لبيئة جغرافية أو اجتماعية محددة، فتميز أهلها، وهي تعبر عن تفاصيل وأحوال الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. على الرغم من ثبات اللهجة، إلا أن مفرداتها التي لا يمكن إسقاطها أو إنكارها، قد تتبدل وتتغير من جيل إلى آخر حسب مستجدات الواقع المعاش وتأثير الزمان والبيئة المكانية والاجتماعية. وتتفرد اللهجة المحلية في الأردن بالكثير من الكلمات والمفردات والتعبيرات والتراكيب التي يتم تداولها في الشارع والمنزل والعمل وبين الأصدقاء والمعارف، وذلك على الرغم من الاشتراك في العديد منها مع لهجات الدول القريبة حدودياً. تالياً أهم 119 كلمة تختزل الشارع الأردني وتعبر عن واقعه: 1.     نشمي/ة: صفة تطلق على من به من الصفات الحميدة الكثير، وتتمثل فيه قيم الشهامة والشجاعة والإقدام وعمل الخير وغيرها. تكاد تكون حكراً على الأردنيين من الذكور والإناث.   2.     هلا عمي: مرادف لرد التحية أو رد الشكر. 3.      لغة الدواوين: اللغة المتداولة بين الشباب من الجنسين، ...

عباءة الخال أو العم تراث بلا مجد

بالرغم من التحولات الكبيرة التي طرأت على حفلات الأعراس والتي فرضتها الرغبة بمواكبة الحداثة، ما زال الكثير من الناس يصرون على المحافظة على روح الموروث الشعبي في أعراسهم عبر اتباع بعض العادات والتقاليد القديمة، وهذا أمر جيد لا يعترض عليه أحد، لكن ما يجب الاعتراض عليه هو مجموعة العادات والتقاليد المقيتة في مضمونها كعادة ارتداء العروس عباءة خالها أو عمها. لمن لا تعلم حقيقة وقصة عادة ارتداء عباءة (عباية/ عباة/ بشت) الخال أو العم، فبقراءة سريعة لها ستجد أنها مجد كاذب قصد به جلب منفعة للخال أو العم؛ ذلك أن موافقة الخال والعم كانت مطلوبة قديماً لمباركة الزواج، فيقوم أحدهما بإلباس العروس عباءته التي تعتبر من اللباس الكامل والأصيل والموروث عن الآباء والأجداد، كدليل على حرصه على تسليم العروس لعريسها برداء الوجاهة، وكإشارة منه لمكانة العروس وأهميتها، والتأكيد على رضاه عن ذلك الزواج، إلا أن السبب الحقيقي لهذه العادة مغاير تماماً. عباءة الخال أو العم كان هدفها التودد لهما بمبلغ مالي كي يأذنا للعروس بالذهاب مع عريسها. يقال أن الخال أو العم كانا في الغالب يتنازلان عن مطلبهما المالي، إلا أن ا...