الفيلم الأردني "ذيب".. ۱۰۰ دقيقة من الملل المفرط

على الرغم من الإشادات الكثيرة التي تلقاها الفيلم الأردني "ذيب"، ومن نصيبه الكبير من التغطيات الإعلامية، إلا أن أياً من هذه الإشادات والتغطيات لم يذكر أن الفيلم حاز على جائزته في مسابقة آفاق جديدة ضمن الدورة الحادية والسبعين من مهرجان فينيسيا عن فئة الاتجاهات التعبيرية والجمالية في السينما فقط، ولم يحزها عن كونه عملاً فنياً متكاملاً.

الحقيقة وبعيداً عن أسلوبية الفيلم الجمالية، إلا أنه لم يرقَ لمستوى الفيلم الجيد مكتمل العناصر والمكونات؛ ذلك أن أي فيلم سينمائي جيد يجب أن ينهض على سيناريو جيد وحوار جيد يكملهما الصورة وفن التصوير السينمائي الجيد.

إن أي فيلم سينمائي مهما بلغت درجة نضج فكرته وفلسفتها، ومهما بلغت درجة تميز تصويره ومونتاجه سيعد فيلماً فاشلاً فنياً وفكرياً في حال كان السيناريو والحوار ضعيفي البناء، وهذا تماماً ما حدث في فيلم "ذيب"؛ إذ أنه افتقد للسيناريو الجيد الذي من خلاله يتم تطوير النمو الدرامي للفيلم ومعالجته السينمائية الفنية عبر وضع السياق المتتابع لأحداث الفيلم بطريقة سلسة وسريعة لتشويق المشاهد وتجنب إشعاره بالملل، كما افتقد أيضاً للحوار الذي يقدم المعلومات ويكشف عن الشخصيات والمواقف، والأهم من ذلك أنه يسهم في دفع حركة الأحداث وتدفقها إلى الأمام – وإن كان هناك محاولات لاختزاله في عدة مشاهد لا في كامل الفيلم والمقصود هنا أي فيلم.

المتابع لفيلم "ذيب" سيشعر بالملل المفرط، وقد يفكر ملياً في مغادرة صالة السينما قبل انتهاء عرضه، لخلوه من الحوار والأحداث، ولبطئ تلك الأحداث في السير إلى الأمام، وقد يشعر بنفسه وكأنها عادت إلى فترة ما قبل سنة ۱٩۲۷ التي تم خلالها عرض أول فيلم ناطق وهو "مغني الجاز"، والذي بإطلاقه تخلت السينما عن صمتها نهائياً ليصبح للحوار أهمية كبيرة في أي فيلم، وسيعتقد لوهلة بأنه يشاهد فيلماً من أفلامها الصامتة أو شبه الصامتة مع فارق التغير في الصورة السينمائية.

إن فيلم "ذيب" ببساطة ما هو إلا محاولة لخلق حركة فنية وثقافية أردنية، أسهم الترويج الإعلامي الكبير الموجه في بروز اسم الفيلم وإيهام من لا ترى عيونهم أبعد من أنوفهم بوجود هذه الحركة، إلا أنه لم ولن يسهم في نجاحها، لأن نجاح الحركات الفنية والثقافية يتطلب من يقودها بوعيه وموهبته وثقافته وإمكاناته الفنية القادرة على اجتياح العالم ولفت الأنظار لمقوماتها المتكاملة الغنية، لا برغبته بصناعة فن يحمل الهوية والجنسية الأردنية.

Comments

Popular Posts