سارق الفرح لا يهنأ بنوم ولو أغمض عينيه
بعيداً عن كون عيد الأم اختراع غربي صرف وأن نشأته في العصر الحديث على يد "أنا
جارفس" الأمريكية جاءت تخليداً لذكرى والدتها المتوفاة، وبأنه لا خير في أمه
كثرت أعيادها، وبأن بر الوالدة من أهم القيم والواجبات التي يجب تأديتها على مدار
العام والعمر بأكمله، إلا أن هذا اليوم يعد مناسبة للتعبير عن المشاعر التي بتنا
غير قادرين على التعبير عنها بشكل يومي بسبب ضغوطات الحياة، ولرد الجميل ولو بوردة
واحدة.
قبيل هذا اليوم، تكثر النداءات لعدم المغالاة في الاحتفال به مراعاةً
لمشاعر الآخرين ممن فرقتهم الحياة عن أمهاتهم لسبب أو لآخر لئلا يصبح هذا اليوم
يوم حزن ونكد عليهم، والحقيقة لا أحد يعترض على ذلك، لكن لم أرَ من أحد ينادي بعدم
المغالاة في الحزن مراعاةً لمشاعر من ينعمون بالعيش في كنف أمهاتهم ومراعاةً
لمشاعر الأمهات أنفسهن ممن قد يكون الحزن بنى عشه وسط قلوبهن لسبب أو لآخر أيضاً
ومثاله فقدانهن لأمهاتهن، وممن قد يكن بأمس الحاجة للفتة حب وعطف.
ما من أحد يحب أن يكدر خاطر الآخرين، وما من أحد يحب أن يذكر الآخرين
بأحزانهم، وكما تظهر الأخلاق والمشاعر النبيلة في الظروف والمواقف الصعبة والحزينة،
فهي تظهر أيضاً في الظروف والمواقف البهيجة، فلا تغالِ في حزنك، واشكر الله على ما
فاتك وعلى ما فقدت بصبر جميل فإن الله مع الصابرين، كذلك لا تغالِ في نقدك، واعدل
مع الآخرين، وافرح لغيرك وشارك الآخرين فرحهم، عل الله يكتب لك نصيباً منه، ولا
تكن ممن يسرقون أفراح غيرهم، فسارق الفرح لا يهنأ بنوم ولو أغمض عينيه، وإن القدر
سيكتب على كل منا فراقاً، فكل من عليها فانٍ، ولكل قلب ما يوجعه وإن لم يظهر هذا
الوجع على المحيا. وعلى الجهة المقابلة، لا تغالِ في المثالية، وقم بواجبك تجاه من
حملتك وهناً على وهن دون إيذاء مشاعر الآخرين.
Comments
Post a Comment