ومن شر الأتيتيود

من منا لا يصادف في حياته اليومية من يستفزه من الأشخاص أو ما يستفزه من المواقف التي قد تثير غضبه الداخلي، لا أحد. لكن كم من الأشخاص منا يستطيع السيطرة على نفسه وكبح جماح غضبه لدى تعاطيه مع الآخرين من حوله خاصة المستفزين أو غير المهذبين أو أصحاب الغرور العالي أو حتى الأنانيين منهم، أو لدى تعامله مع المواقف والمشكلات مهما عظمت أو صغرت ليتصرف بأسلوب يحتفظ ضمنه بمتطلبات الأخلاق واللباقة والكياسة والأدب دون الاضطرار للقبول بامتهان كرامته أو المساس بكرامة الآخرين؟

إن كنت ممن يعانون من نوبات الغضب اللاشعورية وإن كانت مبررة، فعليك أن تعلم أن هذه النوبات وما ينتج عنها من ردود أفعال وسلوكيات غير محسوبة ستصبح جميعها نهجاً ومن ثم طبعاً يغلب التطبع إلى أبد الآبدين أينما كنت سواء في المنزل أو العمل أو الشارع، ومع أي من كنت تتعامل معه سواء من أهلك أو أصدقائك أو زملائك أو الناس في محيطك ومجتمعك دون أي اعتبار لعمر أو مكانة وإن كان ذلك عن حسن نية وبغير قصد سيء.

عليك أن تعلم أن خسارتك ستكون أكبر من كسبك؛ إذ سيكون عليك تحمل شرور سلوكياتك. إنه سيساء فهمك، وسيفترى عليك، كما وسيلتف الناس عليك لا من حولك لتكون كبش الفداء لإلقاء اللوم عليه والتضحية به خاصة في العمل، مستغلين هذه السمة التي ستكون ذريعتهم التي ستصدق دون سؤال. في أحسن الأحوال سينفض الناس من حولك لتجد نفسك شخصاً غير مرحب به وغير مرغوب بتواجده أو التواجد معه، هذا ولن تجد من سيدافع عنك في المواقف المختلفة وإن كان الحق في صفك. ستكتشف حين لا ينفع الاكتشاف بأن سلوكياتك في الحياة هي بمثابة عدوك اللدود أو خديمك الودود، وبأن قيمتك الحقيقية لا تقدر إلا بدرجة سيطرتك على ذاتك وتصرفك في حدود هذه السيطرة، لذلك تصرف دائماً كالبطة؛ حيث تبدو هادئاً ومستكيناً على السطح، بينما أنك تجدف بقوة في الماء دون زيف.


Comments

Popular Posts