الحقوق الزوجية بين جهل الخطاب التوعوي وفوضى القيم والأخلاق والسلوكيات
من الجميل تطوير الخطاب التوعوي المتعلق بحقوق الزوجة والارتقاء بآلياته
باستخدام وسائل الإعلام والتواصل العصرية وبانتهاج أساليب تعتمد التفاعلية وتصل
لشريحة واسعة من المجتمع كالرسائل القصيرة.
الرسالة أدناه مثال على الجهد المبذول لتبصير الفتاة بحقوقها، لكن للأسف
الشديد اقتصرت الرسالة على الحقوق المالية دون النظر إلى الحقوق المعنوية غير
المالية والأخلاقية والإنسانية على الرغم من أنها الأهم والأَولى بتعزيز الوعي
حولها لدى الفتاة والشاب على حد سواء.
إن المهر والنفقة والسكن الذين تتألف منهم الحقوق المالية ليسوا القاعدة التي
يجب أن تتم الدعوة لبناء مؤسسة الزواج عليها، بل إنها وبعيداً عن مشاعر الحب
والغرام الجياشة، تلك المودة الصادقة وأعمالها، والرحمة حتى في الخصام، وتحمل
المسؤولية لتوفير الأمان والبذل للآخر، والتفاهم، والحوار الهادف المتحضر،
والتعاون، والمعاشرة الحسنة، والثقة، والاحترام، والاستعداد للتكيف ومواجهة مشكلات
الحياة يداً بيد، وحتى النقد البنّاء، هو ما يشكل تلك القاعدة الصلبة التي تؤسس
لبيوت سعيدة وعلاقات زوجية ناجحة.
ولضمان ارتباط كل من الفتيات والشباب بشريك الحياة المثالي والعيش معه في
ظل تلك القاعدة الصلبة، يجب العمل وابتداءً من المنزل ومروراً بالمدرسة ووصولاً في
الختام لمؤسسات المجتمع المعنية على غرس القيم والسلوكيات التي تؤسس لتلك القاعدة،
ومن ثم توعيتهم بحقوقهم المعنوية قبل المادية، وإرشادهم لأهم عوامل استقرار الأسر،
ومهارات التعامل بين الزوجين، وفنون إدارة شؤون الأسرة وأزماتها وخلافاتها، بالإضافة
لفنون بناء حياة مشتركة والحفاظ على الحياة الزوجية والأسرية هادئة وهانئة، الأمر
الذي يسهم في بناء أزواج وزوجات مؤهلين لزيجات مستقيمة وناجحة.
إن دمار البيوت يبدأ من الجهل بالقيم والمبادئ والسلوكيات الصحيحة التي
تبنى عليها العلاقات والحياة الزوجية، فهناك حكمة شهيرة تقول: "ازرع فعلاً لدى
الطفل تحصد عادة، ازرع عادة لدى الطفل تحصد شخصية، ازرع شخصية لدى الطفل
تحصد مصير البشرية"، كما أن النبي ص قال: "إن الله سائلٌ كل راع عما
استرعاه أحَفظ ذلك أم ضيعه؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته".
وفي ظل ما نعيشه اليوم من فوضى في القيم والأخلاق والسلوكيات الفردية والمجتمعية
خاصة فيما يخص العلاقات، فإننا في أشد الحاجة إلى مثل هذا الخطاب التوعوي كي لا
نضيع البوصلة ولنحمي روح المجتمع من السقوط في هاوية الضحالة الفكرية والسلوكية
والمعنوية.
Comments
Post a Comment