أعطوا الطريق حقه
لأن الصلاة وفادة إلى الله، وعمود الدين ووجهه، وقربان كل تقي، فإنه من الواجب
تأديتها مستوفية كامل حقوقها التي لا تقتصر على حقوق الجوارح، إنما تشمل حقوق
الأفعال المتمثلة في حقوق الآخرين.
إذا استحضر المصلون هذا المعنى، لا بد لهم أن يدركوا أن حقهم في أداء
فريضة الصلاة في المسجد يمنعهم من الاعتداء على حقوق الآخرين في استخدام الطريق
بسهولة، فلا يقدمون على إغلاقها بمركباتهم المركونة بشكل عشوائي ومخالف يضيق على
المركبات العابرة أو يعيق حركة مرورها تماماً.
إذا استحضر المصلون هذا المعنى، لا بد لهم أن يدركوا أن التسبب في إعاقة
مرور المركبات عند المساجد في أوقات الصلاة يدخل في إطار انتهاك حرمة الطريق وإنزال
الأذى الذي تتعدد صوره ومنها إعاقة المرور، والذي أُمِرنا بإماطته وكفه عنها.
إذا استحضر المصلون هذا المعنى، لا بد لهم أن يدركوا أن بذلهم للخير الذي وعد
الله تعالى الإيفاء به لا يكون فقط بالامتناع عن الاعتداء المباشر على حقوق
الآخرين كأكل اموالهم واستباحة بيوتهم وغيرها، بل يشمل أيضاً الامتناع عن الاعتداء
غير المباشر على حقوقهم والكف عن الإضرار بهم، فإعاقة حركة المرور على الطريق تتسبب
بعدم التمكن من الوصول إلى منزل أحدهم لإسعاف مريض أو إطفاء حريق أو نقل
جثمان، وذلك من أكبر الأذى.
إذا استحضر المصلون هذا المعنى، لا بد لهم أن يدركوا أن حقهم في أداء
صلواتهم لا يخولهم بالاعتداء على حقوق الآخرين في الطريق، ويحفزهم على الوفادة إلى
الله بسكينة، وبقلب وعمل يفيضان بالنور والخير على من حولهم، وأن يتذكروا أن الله
سيرفعهم بكل عمل صالح حسنة، وأنه لا يقبل أن تحول عبادته بينهم وبينه، فإنه من غير
المعقول أن تفرز عبادة الله وابتغاء وجهه وتأدية فرائضه الأذى لخلقه.
Comments
Post a Comment