Skip to main content

ثقافة حرية المرأة وفكرها المتحرر في المفهوم العربي

عندما تستمع للحديث عن حرية المرأة في المجتمعات العربية حتى من تلك المرأة التي ترى نفسها بعيون متحررة مع عدم جواز التعميم، فإنك ستدرك بأن المفهوم السائد لهذه الحرية ما هو سوى بعض الكلمات الرنانة التي تصدح بها حناجر قطيع من عميان البصيرة الذين يقودهم عميان مارقون آخرون متشدقون بأفكار دخيلة فاسدة، ساعدهم الظلم الواقع على المرأة والصبغة الطاغية في تهميشها والناتجة عن مشكلة تطور الفكر وما انبثق عنها من شعارات دينية مصطنعة ومفبركة، وسلوكيات تمييزية، وتقاليد وأعراف خرقاء حولت المجتمعات إلى مجتمعات ذكورية بحتة، في سعيهم لتقليد التحرر الغربي بفكر عقيم وشعارات وسلوكيات هزيلة.

عندما تستمع لهذا الحديث، ستدرك أن حرية المرأة كما يروج لها دعاة التحرر المغلوط مختزلة في الغالب بالشعور الديني والبعد الجسدي؛ إذ تم حصرها بمحاربة الله (أو القوة العظمى – كما يشاؤون تسميته)، وبمحاربة الأديان، وبمحاربة الضوابط والالتزام، وبالتحرر من الملابس، وبالتحرر الجنسي من استخدام الجسد دون رقابة وشذوذ وإباحة الإجهاض، دون الالتفات لأبعاد ومحاور أعمق وأعظم أهمية وتأثيراً.

عكس ذلك تماماً هي حرية المرأة، فبمفهومها الأصلي فإنها تعني التحرر من القيود الفكرية والروحية والاجتماعية والقانونية الوضيعة، إنها تعني حرية التفكير دون هدم الثوابت الحقة، وحرية الاعتقاد دون مجافاة الله والأخلاق والقيم والمبادئ الإنسانية، وحرية التعبير دون الإساءة للغير، وحرية الحياة واختيار نمطها واتخاذ القرارات وتحديد المصير بمسؤولية ودون الخروج على الصواب، وحرية العيش بكرامة ومساواة في الحقوق والواجبات والعقوبات دون الاستخفاف بالآخرين والرعونة.

هكذا تكون حرية المرأة وهكذا تكون هذه الحرية حلال.






Comments

Popular posts from this blog

119 كلمة تختزل الشارع الأردني

اللهجة هي لغة الإنسان المحكية التي جُبِل عليها فاعتادها، والتي تنتمي المفردات فيها لبيئة جغرافية أو اجتماعية محددة، فتميز أهلها، وهي تعبر عن تفاصيل وأحوال الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. على الرغم من ثبات اللهجة، إلا أن مفرداتها التي لا يمكن إسقاطها أو إنكارها، قد تتبدل وتتغير من جيل إلى آخر حسب مستجدات الواقع المعاش وتأثير الزمان والبيئة المكانية والاجتماعية. وتتفرد اللهجة المحلية في الأردن بالكثير من الكلمات والمفردات والتعبيرات والتراكيب التي يتم تداولها في الشارع والمنزل والعمل وبين الأصدقاء والمعارف، وذلك على الرغم من الاشتراك في العديد منها مع لهجات الدول القريبة حدودياً. تالياً أهم 119 كلمة تختزل الشارع الأردني وتعبر عن واقعه: 1.     نشمي/ة: صفة تطلق على من به من الصفات الحميدة الكثير، وتتمثل فيه قيم الشهامة والشجاعة والإقدام وعمل الخير وغيرها. تكاد تكون حكراً على الأردنيين من الذكور والإناث.   2.     هلا عمي: مرادف لرد التحية أو رد الشكر. 3.      لغة الدواوين: اللغة المتداولة بين الشباب من الجنسين، ...

شركة كيربي الأردن وتسويقها المتواضع التائه بين النظرية والتطبيق

بعيداً عما تسوقه شركة كيربي للأنظمة المتعددة للتكنولوجيا ووحدتها لتحليل وتنقية المياه، فإن أول ما يتبادر للأذهان حالياً عند سماع اسمها هو مدى صعوبة التسويق عبر الهاتف وتحقيق الأهداف التسويقية المرجوة باعتماده كأسلوب راسخ، إلى جانب مدى عدم قدرة هذه الشركة على تطوير استراتيجيتها التسويقية وصياغة أخرى عصرية وفعالة تتناسب مع حجم الطلب والاحتياج الحقيقي للمستهلكين، وتستهدف الزبائن المحتملين والمهتمين فعلياً. منذ ما يزيد عن 5 سنوات على أدنى تقدير، من منا لم يستقبل - وما زال - دورياً على خط هاتفه المنزلي الأرضي مكالمة من أحد مسوقي شركة كيربي لأخذ موعد لزيارة منزلية من أجل استعراض أحد منتجات الشركة من أجهزة تحليل وتنقية المياه. على الأغلب لا أحد لم يحظ بفرصة استقبال هذه المكالمة التي جرت العادة على إنهائها بتذكير المسوق المتصل بأنه سبق وأن قام بزيارة مستقبل المكالمة بعد عدد اتصالات لا يحصى، وبأن المستقبل لم يرغب حينها ولن يرغب في أي وقت لاحق بشراء المنتج. الحقيقة، إن شركة كيربي تمتلك فريقاً تسويقياً يتمتع بالصبر والمثابرة، وهما صفتان من أولويات التسويق، إلا أنه لا يتمتع بالقدرة على ا...

عباءة الخال أو العم تراث بلا مجد

بالرغم من التحولات الكبيرة التي طرأت على حفلات الأعراس والتي فرضتها الرغبة بمواكبة الحداثة، ما زال الكثير من الناس يصرون على المحافظة على روح الموروث الشعبي في أعراسهم عبر اتباع بعض العادات والتقاليد القديمة، وهذا أمر جيد لا يعترض عليه أحد، لكن ما يجب الاعتراض عليه هو مجموعة العادات والتقاليد المقيتة في مضمونها كعادة ارتداء العروس عباءة خالها أو عمها. لمن لا تعلم حقيقة وقصة عادة ارتداء عباءة (عباية/ عباة/ بشت) الخال أو العم، فبقراءة سريعة لها ستجد أنها مجد كاذب قصد به جلب منفعة للخال أو العم؛ ذلك أن موافقة الخال والعم كانت مطلوبة قديماً لمباركة الزواج، فيقوم أحدهما بإلباس العروس عباءته التي تعتبر من اللباس الكامل والأصيل والموروث عن الآباء والأجداد، كدليل على حرصه على تسليم العروس لعريسها برداء الوجاهة، وكإشارة منه لمكانة العروس وأهميتها، والتأكيد على رضاه عن ذلك الزواج، إلا أن السبب الحقيقي لهذه العادة مغاير تماماً. عباءة الخال أو العم كان هدفها التودد لهما بمبلغ مالي كي يأذنا للعروس بالذهاب مع عريسها. يقال أن الخال أو العم كانا في الغالب يتنازلان عن مطلبهما المالي، إلا أن ا...