باطن الله... تلخيص الأطوار السبعة للعشق الإلهي
يا وجه الله المخفي افتح لي عقلي حتى يمكنني أن أرى الحقيقة
الأطوار السبعة على طريق الحقيقة – سبعة مقامات يجب على كلّ روح أن
تكابدها حتى تبلغ الوحدانية.
الطور الأول هو النفس الأمارة، وهو أشدّ الأطوار بدائية وانتشاراً
في الوجود، عندما تقع الروح في شرك المساعي الدنيوية. ويبقى أغلب الناس في هذا
الطور، يجاهدون ويعانون في العمل لأنهم منهمكون في خدمة ذواتهم الوضيعة، لكنهم
يحمّلون الآخرين على الدوام مسؤولية شقائهم المستمر.
وعندما يدرك المرء الحالة التي وصل إليها من انحطاط الروح، يبدأ في
جهاد النفس حتى ينتقل إلى الطور التالي الذي هو عكس الطور الأول. فبدلاً من أن
ينحي باللائمة على الآخرين دائماً، يبدأ المرء الذي بلغ هذا الطور بنفسه، تصل
أحياناً إلى درجة محو الذات. وهنا تصبح النفس اللوامة وبذلك يبدأ الرحلة نحو
النقاء الداخلي.
وفي الطور الثالث، يزداد المرء نضجاً وتنتقل النفس لتصبح النفس
الملهمة. وفي هذا الطور فقط، وليس قبله، يتمكن المرء من معرفة المعنى الحقيقي
لكلمة “الخضوع”، ويبدأ في الطواف في وادي المعارف الإلهية. والمرء الذي يبلغ هذه
المرحلة يمتلك الصبر، والمثابرة، والحكمة، والتواضع، ويبدو العالم له جديداً
مليئاً بالإلهام. بيد أن معظم الذين يبلغون المقام الثالث هذا، يرغبون في البقاء
فيه، ويفقدون الرغبة في الانتقال أو الشجاعة للانتقال إلى الأطوار الأخرى. لذلك،
مع أن الطور الثالث يبدو جميلاً ومباركاً، فإنه بمثابة شرك للشخص الذي يتطلع إلى
بلوغ درجة أعلى.
أما الذين يتمكنون من المضي قدماً، فهم يبلغون وادي الحكمة ويعرفون
النفس المطمئنة. وهنا يختلف إحساس النفس عما كانت عليه، لأنها ترتقي إلى درجة أعلى
من الوعي. ومن الصفات التي تلازم الذين بلغوا هذا الطور: الكرم، والعرفان، والشعور
الدائم بالرضى، مهما بلغت مشاق الحياة ومصاعبها. ثم يأتي وادي الوحدة. ويشعر المرء
الذي يبلغ هذا المقام بالرضا مهما كان الوضع الذي يضعه الله فيه. فلا تهمه الأمور
الدنيوية، لأنه بلغ النفس الراضية.
وفي الطور التالي، تأتي النفس المرضية، حيث يصبح المرء مشكاة
للإنسانية، يبثّ الطاقة في كلّ من يطلبها، ويعلّم وينوّر مثل أستاذ حقيقي. وقد
يمتلك المرء أحياناً قوى شافية أيضاً. فحيثما ذهب، يحدث أثراً كبيراً في حياة
الآخرين. ففي كلّ شيء يفعله ويصبو إلى عمله، يكون هدفه الرئيسي خدمة الله من خلال
خدمة الآخرين.
وأخيراً يأتي الطور السابع، حيث يبلغ المرء النفس النقية ويصبح
“الإنسان الكامل”. لكن أحداً لا يعرف الكثير عن هذه الحالة، التي حتى لو بلغها
البعض، فإنهم لا يتكلّمون عنها.
يسهل تلخيص أطوار بلوغ الطريق، ويصعب اجتيازها. ومما يزيد من
العقبات التي تظهر على طول طريق الحقيقة، عدم وجود ما يكفل الاستمرار في المضي
قدماً. فالطريق من الطور الأول حتى الطور الأخير ليس خطاً مستقيماً البتة؛ وهناك
دائما احتمال السقوط والعودة إلى الأطوار الأولى، ويكون السقوط أحياناً من أعلى
الأطوار إلى الطور الأول. وبسبب كثرة الأفخاخ المنصوبة على طول الطريق، فلا عجب أن
لا يتمكن من بلوغ الأطوار النهائية سوى قلة قليلة في كلّ قرن.
Comments
Post a Comment