Skip to main content

القوميات والإسلام السياسي الظلامي... وجهان لعملة واحدة

تلتقي القومية بفكرها المنتهي منذ دخول بلال الحبشي الإسلام مع الإسلام السياسي الظلامي في موضوع استغلال رغبة الشعوب البسيطة الجامحة بالحرية والمساواة والإخاء من أجل تحقيق مصالح شخصية بحتة.

لقد قام كل منهما بتحويل الشعوب لتوابع خاضعة لسياسات ومصالح خفية ظاهرها نظيف وباطنها قذر وخبيث، فبالاعتماد على الفراغ والسذاجة العربية السياسية والفكرية والدينية حاول الفكر الناصري الزج بالعروبة بمفهومها الضيق والمحدود كمصطلح أيدولوجي مضلل لمعنى التحرر، وحاول الإسلام السياسي الظلامي استغلال الإسلام كأداة سياسية، واستغلال النزعة الدينية لدى الشعوب لتكون أرضاً للمعركة مع من اختلف معه من باقي التيارات من أجل تحقيق أهداف شخصية لم ولن ترقى يوماً لمستوى الآمال والطموحات والتحديات.

كل منهما تلاعب بالعواطف وتاجر بالأحلام الوردية العابقة بنسيم العدالة الاجتماعية، فجاءت النتائج الواقعية بما لا تشتهيه السفن وبما لم يرد في مخيلة أي حالم.

إن شعارات وسياسات القومية الجوفاء أفضت سابقاً إلى صنع النعرات القومية وتفريق الشعوب بدلاً من توحيدها مبتعدة بالناس عن روح الدين بناء على دعوتها لفصل الدين عن الدولة والتكتل حول نفسها وقوميتها، ففرقت بين المسلمين وفصلت المسلمين العجم عن إخوانهم العرب وفرقت العرب أنفسهم وجعلتهم أحزاباً ودعت للتعصب لها على من كاد لها حتى وإن كانت هي المخطئة، والآن يحاول المد القومي العودة والوقوف على قدميه من جديد مستغلاً أهم القضايا كالقضية الفلسطينية للوصول للسلطة والحكم على أكتافها بداعي إخفاق الحركات الإسلامية في التعامل معها، وهذا حقيقي للأسف.

أما الإسلام السياسي "الظلامي الرجعي" فقد كان ولا زال في طرحه التقليدي يظهر عداءً للعقل والتآخي والمساواة؛ عداءً لأهم أساسات الإسلام، فهو مستبد وحاضن لبذور التعصب ومعاد للحداثة والمرأة وصحيح الدين وغرائز الحياة، خادم للإمبريالية، ومتآمر ضد الشعوب على الرغم من عدم فصله بين الدين والسياسة، الأمر الذي يعزى لسعيه للبقاء ضمن الطبقة الحاكمة أو في صفها على الأقل مستغلاً المشاعر وملبساً إياها ثوباً دينياً ومتخذاً من بيوت العبادة منبراً لبث رسائله المتأسلمة، ففي فلسطين يأتي على رأس قائمة المتاجرين بها، وفي مصر سيحترم الاتفاقيات المبرمة مع الدول الأخرى، وفي الأردن لم يفلح إلا بإغلاق الكازينوهات. ما هو الإسلام الذي يتحدث عنه أتباع الإسلام السياسي وما هي دولتهم الإسلامية المنشودة وهل سيكون الولاء في الدولة الإسلامية للدولة أم للدين؟ كل هذا يجعل من الإسلام السياسي معيقاً من معقيات تحرير الشعوب والارتقاء بها، لا سبيلاً لذلك.

القومية العربية أو غيرها من القوميات والإسلام السياسي وأي فكر آخر أياُ كان مسماه حين وصوله لسدة الحكم، إن لم يكن راشداً مستنيراً هادفاً لتحقيق العدالة الاجتماعية باستناده للشرع سيكون بلا شك حكماً جاهلياً قوامه التمييز والعنصرية والجهوية والتزوير ونهب المقدرات والمكتسبات وسلب الحريات فظلم الشعوب.

من هنا، فإن مجموعة من الحقائق والدعوات تطرح نفسها متمثلة بما يلي:

الحقائق:
-           القومية العربية ماتت غير مأسوف عليها والإسلام السياسي الظلامي أوراقه مكشوفة.
-           القومية والإسلام السياسي يستقيان من الجاهلية.
-           طوفان الحرية الحالي عبارة عن ثورات شعبية خالصة تتم محاولة استغلالها وسرقتها من القومية والإسلام السياسي والأجندات الأخرى لخدمة مصالحها فقط غير آبهة بالشعوب المسكينة بطبقتها الكادحة.

الدعوات:
-           عدم جواز التعميم وإطلاق الأحكام التعسفية الصادرة بحق المسيء وتعميمها على شريحة بأكملها.
-           ضرورة خلق تسوية بين القوى السياسية القومية والدينية حول مفهوم الدولة ونظامها الديمقراطي.
-           الاتفاق حول مفهوم المواطنة وشروطها.

وفي الختام فإن الشعب المسكين غير المسيس وغير المدرك لأصول الدين بتاكل بعقله حلاوة، ومثلما تفضل طيب الذكر ناجي العلي فإن لسان حال الشعب يقول: "ما بدنا طحين ولا سردين..... الرجعيين دايماً راكعين..... خليك نظيف وما تكونش خفيف.... عقلك في راسك تعرف خلاصك".

ودمتم يا عرب 

Comments

Popular posts from this blog

119 كلمة تختزل الشارع الأردني

اللهجة هي لغة الإنسان المحكية التي جُبِل عليها فاعتادها، والتي تنتمي المفردات فيها لبيئة جغرافية أو اجتماعية محددة، فتميز أهلها، وهي تعبر عن تفاصيل وأحوال الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. على الرغم من ثبات اللهجة، إلا أن مفرداتها التي لا يمكن إسقاطها أو إنكارها، قد تتبدل وتتغير من جيل إلى آخر حسب مستجدات الواقع المعاش وتأثير الزمان والبيئة المكانية والاجتماعية. وتتفرد اللهجة المحلية في الأردن بالكثير من الكلمات والمفردات والتعبيرات والتراكيب التي يتم تداولها في الشارع والمنزل والعمل وبين الأصدقاء والمعارف، وذلك على الرغم من الاشتراك في العديد منها مع لهجات الدول القريبة حدودياً. تالياً أهم 119 كلمة تختزل الشارع الأردني وتعبر عن واقعه: 1.     نشمي/ة: صفة تطلق على من به من الصفات الحميدة الكثير، وتتمثل فيه قيم الشهامة والشجاعة والإقدام وعمل الخير وغيرها. تكاد تكون حكراً على الأردنيين من الذكور والإناث.   2.     هلا عمي: مرادف لرد التحية أو رد الشكر. 3.      لغة الدواوين: اللغة المتداولة بين الشباب من الجنسين، ...

شركة كيربي الأردن وتسويقها المتواضع التائه بين النظرية والتطبيق

بعيداً عما تسوقه شركة كيربي للأنظمة المتعددة للتكنولوجيا ووحدتها لتحليل وتنقية المياه، فإن أول ما يتبادر للأذهان حالياً عند سماع اسمها هو مدى صعوبة التسويق عبر الهاتف وتحقيق الأهداف التسويقية المرجوة باعتماده كأسلوب راسخ، إلى جانب مدى عدم قدرة هذه الشركة على تطوير استراتيجيتها التسويقية وصياغة أخرى عصرية وفعالة تتناسب مع حجم الطلب والاحتياج الحقيقي للمستهلكين، وتستهدف الزبائن المحتملين والمهتمين فعلياً. منذ ما يزيد عن 5 سنوات على أدنى تقدير، من منا لم يستقبل - وما زال - دورياً على خط هاتفه المنزلي الأرضي مكالمة من أحد مسوقي شركة كيربي لأخذ موعد لزيارة منزلية من أجل استعراض أحد منتجات الشركة من أجهزة تحليل وتنقية المياه. على الأغلب لا أحد لم يحظ بفرصة استقبال هذه المكالمة التي جرت العادة على إنهائها بتذكير المسوق المتصل بأنه سبق وأن قام بزيارة مستقبل المكالمة بعد عدد اتصالات لا يحصى، وبأن المستقبل لم يرغب حينها ولن يرغب في أي وقت لاحق بشراء المنتج. الحقيقة، إن شركة كيربي تمتلك فريقاً تسويقياً يتمتع بالصبر والمثابرة، وهما صفتان من أولويات التسويق، إلا أنه لا يتمتع بالقدرة على ا...

عباءة الخال أو العم تراث بلا مجد

بالرغم من التحولات الكبيرة التي طرأت على حفلات الأعراس والتي فرضتها الرغبة بمواكبة الحداثة، ما زال الكثير من الناس يصرون على المحافظة على روح الموروث الشعبي في أعراسهم عبر اتباع بعض العادات والتقاليد القديمة، وهذا أمر جيد لا يعترض عليه أحد، لكن ما يجب الاعتراض عليه هو مجموعة العادات والتقاليد المقيتة في مضمونها كعادة ارتداء العروس عباءة خالها أو عمها. لمن لا تعلم حقيقة وقصة عادة ارتداء عباءة (عباية/ عباة/ بشت) الخال أو العم، فبقراءة سريعة لها ستجد أنها مجد كاذب قصد به جلب منفعة للخال أو العم؛ ذلك أن موافقة الخال والعم كانت مطلوبة قديماً لمباركة الزواج، فيقوم أحدهما بإلباس العروس عباءته التي تعتبر من اللباس الكامل والأصيل والموروث عن الآباء والأجداد، كدليل على حرصه على تسليم العروس لعريسها برداء الوجاهة، وكإشارة منه لمكانة العروس وأهميتها، والتأكيد على رضاه عن ذلك الزواج، إلا أن السبب الحقيقي لهذه العادة مغاير تماماً. عباءة الخال أو العم كان هدفها التودد لهما بمبلغ مالي كي يأذنا للعروس بالذهاب مع عريسها. يقال أن الخال أو العم كانا في الغالب يتنازلان عن مطلبهما المالي، إلا أن ا...