Skip to main content

Posts

المزاج يحكم

بعيداً عن متاهات المفردات ومعانيها لغة وفقهاً واصطلاحاً، فالمبادئ هي الأساس الذي تقوم عليه حياة الإنسان، فهي بمثابة العقيدة العقلية والفكرية التي ينبثق عنها نهجنا وتصوراتنا التي توجهنا في رغباتنا وفي ممارساتنا السلوكية كالصدق والعدل والوفاء وغيرها مما يعرف بالقيم الأخلاقية والأدبية التي نحملها تجاه الآخرين والأشياء وتعاملاتنا معها من حيث الصواب والخطأ والمقبول والمرفوض من النواحي الشخصية والاجتماعية والإنسانية والمعرفية والدينية وحتى الوطنية منها كالمساواة بين الناس واحترام الآخرين وغيرها من القيم التي تشكل بمجموعها أخلاقياتنا ومعاييرنا التي نستند إليها في الحكم واتخاذ القرار والتصرف باحترام والتزام. هذه المبادئ وما تنتجه من قيم وأخلاقيات هي أساس شخصية الإنسان وهي موجودة في أعماقه، لم ولن يكتسبها يوماً بواسطة المؤثرات الخارجية، فهي ضمير الإنسان الثابت الذي لا ولن يتغير كونه قبس من النور الإلهي الذي يضيء القلب. بالرغم من ثبات الضمير وبالرغم من أنه لا خلاف على وجوده عند كل إنسان، إلا أن عمله غير ثابت للأسف بنفس القدر عند الجميع، وذلك لتعرضه لحالات من المد والجزر من شخص لآخر تبع...

لا ينفع الميت كثرة المعزين وقد مات وحيداً

عندما تصبح العزلة الاجتماعية - بغض النظر عن الأسباب التي دفعت لاعتناقها – عادة، فإنها تتحول من فعل يمكن للإنسان تركه متى شاء إلى سلوك يومي أشبه بالإدمان؛ يجلب اللذة ويدعو إلى تكراره. صحيح أنه بين الحين والآخر يشعر الإنسان بالرغبة في الانعزال عن الجو العام للاختلاء بالنفس خاصة في أوقات الحزن والإحباط والفشل والانكسار، وهذا أمر طبيعي، لكن المشكلة تكمن حين تصبح هذه الرغبة حاجة ملحة تكبر في كل يوم لتتحول لنوبات عارمة من القلق، والحزن على الماضي ونسيان الحاضر والتشاؤم من المستقبل، وبالتالي الاكتئاب وكره الحياة، ما فات منها وما يمر وما سيأتي. من المفارقات العجيبة، أننا بالعادة نعيش جل حياتنا غير مدركين لحقيقة أن أغلب الناس ليس لديهم القدرة على مواجهة مشكلاتهم المعنوية والنفسية بأنفسهم ودون مؤازرة من الغير، وبأن الانعزال الاجتماعي المنتظم يثير التبلد غير المبرر في النفس، كما يعزز مشاعر الانهزامية المؤدية للوقوع في شرك الوساوس المؤدي بدوره للوقوع في شرك أكبر هو الانفصال التام عن النفس والمحيط الأقرب والعالم. إن الإفراط في التقوقع حول النفس في شرنقة محكمة النسج، ما هو إلا انعكاس ل...

كأس الحب وفوضى العلاقات

الحب لا يحتاج لحديث طويل، لذلك مع زبدة الكلام أبتديه: "إن مهمتك ليست البحث عن الحب، بل البحث بداخلك عن تلك الجدران والحواجز التي تبقيه بعيداً عن روحك". ~ جلال الدين الرومي. هذه الكلمات البسيطة، هي أصدق ما قيل عن معضلات العثور على الحب الذي ليس منا من لا يتوق إليه مع حبيب يومض في قلبه كالبرق الخاطف تارة، وأخرى يعزف على أوتاره ترنيمة السلام والإنسان، ليعيد تشكيل الحياة وبعث الروح بكل تجلياتها. ليكون للإنسان نصيب في حياته من هذا المس من الحب، فإنه لا ينقصه سوى التخلص من الأغلال التي يكبل بها قلبه وعقله وروحه، والتي تبقيه أسيراً لكل موانع الحب الحقيقي الأصيل الذي لم يعرفه إلا قلة ممن استطاعوا عزل حاجاتهم الحسية والجسدية عن قضية الحب، فانغمسوا فيها من منظور إنساني وبمقصد نبيل، فدخلوا في سر الحب وصاروا مدعوين إلى الحرية التي يولدها الاتحاد البعيد كل البعد عن الخضوع والشروط والتصورات المنبثقة من الرحم العفن الخرب لخرافات الحب التي تدعي بأن الحب عاطفة غير منطقية، وبأن هذه العاطفة لا تعترف بالدرجات، وبأنها آسرة ولا يمكن الخروج من دائرتها إن كانت خاطئة أو ملتبسة، وبأن ألمها في حا...

المسكوت عنه خدش للحياء العام.. زوبعة البوسة أزمة هوية رسمية

دخل النقاش بين الأردنيين حول موضوع "البوسة التي حطمت المدينة الفاضلة" يومه السابع، مثيراً جدلاً كبيراً حول تقاليد المجتمع المحافظة التي لا تسمح بأي انحلال أخلاقي. لكن، كالعادة، ولأننا شعب يعاني من العشوائية الأخلاقية، لم يتم التطرق لمناقشة أخلاقيات مصور فيديو "البوسة" وانحلاله الأخلاقي الذي دفعه للتطفل على الغير في المقام الأول، وللنظر للموضوع حسب أيدولوجيته وبنائه النفسي، فتخير توثيق المشهد وفضح بطليه بعد تأويله بكيفية تظهره مطابقاً لما يعتقد أنه الحق. لا دفاعاً عن "البوسة" ولا هجوماً عليها؛ ما حدث ابتداءً من تصوير ونشر المشهد، ومروراً باهتمام الأجهزة الأمنية به، وانتهاءً بضبط المركبة واعتقال الشاب، ليس سوى تجسيد حقيقي لأزمة الهوية والتوجهات التي تعاني منها دولتنا والتي انعكست على أبنائها. نحن بلا شك أمة هلامية بلا عنوان، اختلط لدينا الحابل بالنابل والحق بالباطل والصواب بالخطأ، فضاعت أولوياتنا وحلت بدلاً عنها سفاسف الأمور. نحن أمة ليس لنا إلى النجاة سبيل. دستورنا يقول أن الإسلام هو دين الدولة، كما أنه يقول أن المحاكم الشرعية تطبق في قضائها أ...

الألم سر الإنسانية والوجود

ممتلئة هي الحياة بقلوب متعبة بتعب الأيام، مرتوية من نهر الآلام التي تأبى إلا السكنى في الأعماق. كلنا بنا ألم، لكن لكل منا حكاية. فراق، ورحيل، وهجر، وفقد، ونقص، وذنوب، وغدر من الزمان وآخر من الخلان، وحاجة لأوطان وأخرى لبنين، أو أنه شعور بآلام الآخرين. اشتياق، وحنين، واحتياج، وأمنيات، وندم، واستسلام. قد تختلف الحكايات، لكن النهايات تتوحد بتوحد الشعور الذي يخلفه ركام كل حكاية، إنها الآلام. تلك الآلام التي تتولد من وطأة السلب والضغط، فتأتي تعبيراً عن الاحتجاج على فقدان العدالة من وجهة نظر قاصرة وغير مدركة لأن حقيقة الحياة والوجود قائمة على الألم الإنساني. ما أن ندرك هذه الحقيقة الحاضرة الغائبة، فإننا سندرك بأن هذا الألم الإنساني إما أن يصبح ألماً إيجابياً فيرفعنا في مقامات الإنسانية إلى الروحانية، وإما أن يصبح ألماً سلبياً فيهوي بنا إلى حضيض الشهوانية المادية، فإن أدركناه بإيجابية بلغنا الحقيقة المطلقة وسرنا على مدارج السلام، وإن لم نفعل، واصلنا تيهنا وعظم كربنا وغزانا الإحساس بالنقمة. دون هذا الألم الذي يدفع تجاه المعرفة بنداء روحي، لن نصل أبداً إلى الحقيقة المطلقة التي ...

موسوعة غينيس تشوه عملنا الإنساني

لطالما لعب الإعلام ومرتزقته وأتباعهم دوراً بارزاً في تنميق خيارات واستراتيجيات الترويج للمملكة على الخارطة العالمية حتى وإن كانت تلك الخيارات والاستراتيجيات مثيرة للشفقة والجدل، ودالة على الإفلاس من الإمكانات الحقيقية التي ترسم مكانة جديرة بالاحترام. مع حملة "من بعدي حياة" الوطنية والموجهة ظاهرياً لتعزيز ثقافة التبرع بالأعضاء، لم تكف الأقلام ليس فقط عن التلميع والترويج للحملة الهادفة في الباطن للترويج للمملكة بمنهجية تفرغها من محتواها الإنساني النبيل، وتشير لإفلاس حقيقي من كل الإمكانيات في مختلف المجالات التي قد تدخلنا موسوعة غينيس، سوى من جمع أكبر عدد من المتبرعين بالأعضاء، وذلك من بعد دخولنا فيها بأطول سحسيلة وأكبر قرص فلافل وأكبر علم على هيئة فسيفساء وغيرها، إنما لم تكف أيضاً عن تسطيح الوعي بأهمية وأخلاقيات العمل الإنساني وأصوله، مشوشة نظام القيم بأكمله. إن التبرع بالأعضاء عمل إنساني بحت، لذلك يجب أن يكون نهج تكريس ثقافته متماشياً مع جوهره وروحه، كما يجب أن يدفع القائمين والمقدِمِين عليه لارتقاء سلم السمو الأخلاقي، لا السير نحو طريق الإفلاس الأخلاقي بمناقضة الهدف...

تجرد من عبوديتك للماديات لتصل لكنزك

من خلال الاستمرار في الحياة وإزاحة كل الخراب الوهمي، يمكن أن تعثر على حريتك مدفونة تحت خرابك، وهذه أكبر كنوز الوجود والحياة والمعرفة. لتعثر على حريتك، عليك إزاحة موانعها بالتحرر من عبوديتك للأشياء والماديات، فيخف توحشك وخوفك من المجهول، كما يخف ألمك من النوائب. إن النار هي جنة البعد، والجنة نار القرب، فما يضيرك في أن تقبل خرابك لتصل لكنزك في لحظة عشقية مقدسة تجردك من أي انتماءات وتعلقات مادية للجسد والروح والعقل والنفس. من لا يرى الله من وراء الأضداد في مفارقات الحياة لا يراه. خذ هذه اللحظة إلى قلبك ولا تضيعها، إن ضيعتها ضاع منك الإنسان، وقطعت جسر الوصول للأصل. تخلّ عن الله الظاهر القهاري، وتحلّ بالله الباطن الجمالي.  تقبّل وأقبِل، حطم القيود وعش حراً محباً للكون الأزلي بكل ما فيه لتبلغ ولادة الكمال في الأرض الأبدية.