Skip to main content

موسوعة غينيس تشوه عملنا الإنساني

لطالما لعب الإعلام ومرتزقته وأتباعهم دوراً بارزاً في تنميق خيارات واستراتيجيات الترويج للمملكة على الخارطة العالمية حتى وإن كانت تلك الخيارات والاستراتيجيات مثيرة للشفقة والجدل، ودالة على الإفلاس من الإمكانات الحقيقية التي ترسم مكانة جديرة بالاحترام.

مع حملة "من بعدي حياة" الوطنية والموجهة ظاهرياً لتعزيز ثقافة التبرع بالأعضاء، لم تكف الأقلام ليس فقط عن التلميع والترويج للحملة الهادفة في الباطن للترويج للمملكة بمنهجية تفرغها من محتواها الإنساني النبيل، وتشير لإفلاس حقيقي من كل الإمكانيات في مختلف المجالات التي قد تدخلنا موسوعة غينيس، سوى من جمع أكبر عدد من المتبرعين بالأعضاء، وذلك من بعد دخولنا فيها بأطول سحسيلة وأكبر قرص فلافل وأكبر علم على هيئة فسيفساء وغيرها، إنما لم تكف أيضاً عن تسطيح الوعي بأهمية وأخلاقيات العمل الإنساني وأصوله، مشوشة نظام القيم بأكمله.

إن التبرع بالأعضاء عمل إنساني بحت، لذلك يجب أن يكون نهج تكريس ثقافته متماشياً مع جوهره وروحه، كما يجب أن يدفع القائمين والمقدِمِين عليه لارتقاء سلم السمو الأخلاقي، لا السير نحو طريق الإفلاس الأخلاقي بمناقضة الهدف بالأسلوب. وإن تكريس ثقافة التبرع بالأعضاء ليست سهلة كما يعتقد البعض؛ إذ أنها تتطلب العديد من الحملات التي تعزز القناعة لدى الراغبين بالتبرع وذويهم بسلامة التبرع من الناحية الشرعية أولاً ومن الناحية الوجدانية ثانياً.

هل يا ترى أتكون موسوعة غينيس دافعنا القوي للإقدام على منح هدية الحياة لغيرنا من بعد موتنا، أم تكون قناعتنا وخلوص نيتنا وقصدنا ظاهراً وباطناً هي الدافع؟ ألا يصح دخولنا لموسوعة غينيس بأعلى عدد من العلماء أو بأقل نسبة جهل وعقول مغيبة؟ هل الأولى أن ينصب التكريس الإعلامي على دخول الموسوعة أم على إيصال فكرة التبرع وغرس مفاهيم ثقافة التبرع بتناول الجوانب الإنسانية؟ هل رفعنا ضمن الحملة شعار "الغاية تبرر الوسيلة" رسمياً؟ وهل تحتاج الحملة لتسليم مهام تصميمها وقيادتها لجهات أكثر إدراكاً للعديد من الجوانب والمعاني؟

إن تغلبت سطوة موسوعة غينيس على أهداف حملة "من بعدي حياة"، فبئس الورد المورود، وعندها يكون: "حل ما إلنا"، وإن لم تكن سطوتها قوية، فالأَولى أن نتعلم فن وأصول الترويج لثقافة مهمة بالنظر للإعلانات والدعايات التوعوية الخارجية، ومنها على سبيل المثال:






Comments

Popular posts from this blog

119 كلمة تختزل الشارع الأردني

اللهجة هي لغة الإنسان المحكية التي جُبِل عليها فاعتادها، والتي تنتمي المفردات فيها لبيئة جغرافية أو اجتماعية محددة، فتميز أهلها، وهي تعبر عن تفاصيل وأحوال الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية. على الرغم من ثبات اللهجة، إلا أن مفرداتها التي لا يمكن إسقاطها أو إنكارها، قد تتبدل وتتغير من جيل إلى آخر حسب مستجدات الواقع المعاش وتأثير الزمان والبيئة المكانية والاجتماعية. وتتفرد اللهجة المحلية في الأردن بالكثير من الكلمات والمفردات والتعبيرات والتراكيب التي يتم تداولها في الشارع والمنزل والعمل وبين الأصدقاء والمعارف، وذلك على الرغم من الاشتراك في العديد منها مع لهجات الدول القريبة حدودياً. تالياً أهم 119 كلمة تختزل الشارع الأردني وتعبر عن واقعه: 1.     نشمي/ة: صفة تطلق على من به من الصفات الحميدة الكثير، وتتمثل فيه قيم الشهامة والشجاعة والإقدام وعمل الخير وغيرها. تكاد تكون حكراً على الأردنيين من الذكور والإناث.   2.     هلا عمي: مرادف لرد التحية أو رد الشكر. 3.      لغة الدواوين: اللغة المتداولة بين الشباب من الجنسين، ...

شركة كيربي الأردن وتسويقها المتواضع التائه بين النظرية والتطبيق

بعيداً عما تسوقه شركة كيربي للأنظمة المتعددة للتكنولوجيا ووحدتها لتحليل وتنقية المياه، فإن أول ما يتبادر للأذهان حالياً عند سماع اسمها هو مدى صعوبة التسويق عبر الهاتف وتحقيق الأهداف التسويقية المرجوة باعتماده كأسلوب راسخ، إلى جانب مدى عدم قدرة هذه الشركة على تطوير استراتيجيتها التسويقية وصياغة أخرى عصرية وفعالة تتناسب مع حجم الطلب والاحتياج الحقيقي للمستهلكين، وتستهدف الزبائن المحتملين والمهتمين فعلياً. منذ ما يزيد عن 5 سنوات على أدنى تقدير، من منا لم يستقبل - وما زال - دورياً على خط هاتفه المنزلي الأرضي مكالمة من أحد مسوقي شركة كيربي لأخذ موعد لزيارة منزلية من أجل استعراض أحد منتجات الشركة من أجهزة تحليل وتنقية المياه. على الأغلب لا أحد لم يحظ بفرصة استقبال هذه المكالمة التي جرت العادة على إنهائها بتذكير المسوق المتصل بأنه سبق وأن قام بزيارة مستقبل المكالمة بعد عدد اتصالات لا يحصى، وبأن المستقبل لم يرغب حينها ولن يرغب في أي وقت لاحق بشراء المنتج. الحقيقة، إن شركة كيربي تمتلك فريقاً تسويقياً يتمتع بالصبر والمثابرة، وهما صفتان من أولويات التسويق، إلا أنه لا يتمتع بالقدرة على ا...

عباءة الخال أو العم تراث بلا مجد

بالرغم من التحولات الكبيرة التي طرأت على حفلات الأعراس والتي فرضتها الرغبة بمواكبة الحداثة، ما زال الكثير من الناس يصرون على المحافظة على روح الموروث الشعبي في أعراسهم عبر اتباع بعض العادات والتقاليد القديمة، وهذا أمر جيد لا يعترض عليه أحد، لكن ما يجب الاعتراض عليه هو مجموعة العادات والتقاليد المقيتة في مضمونها كعادة ارتداء العروس عباءة خالها أو عمها. لمن لا تعلم حقيقة وقصة عادة ارتداء عباءة (عباية/ عباة/ بشت) الخال أو العم، فبقراءة سريعة لها ستجد أنها مجد كاذب قصد به جلب منفعة للخال أو العم؛ ذلك أن موافقة الخال والعم كانت مطلوبة قديماً لمباركة الزواج، فيقوم أحدهما بإلباس العروس عباءته التي تعتبر من اللباس الكامل والأصيل والموروث عن الآباء والأجداد، كدليل على حرصه على تسليم العروس لعريسها برداء الوجاهة، وكإشارة منه لمكانة العروس وأهميتها، والتأكيد على رضاه عن ذلك الزواج، إلا أن السبب الحقيقي لهذه العادة مغاير تماماً. عباءة الخال أو العم كان هدفها التودد لهما بمبلغ مالي كي يأذنا للعروس بالذهاب مع عريسها. يقال أن الخال أو العم كانا في الغالب يتنازلان عن مطلبهما المالي، إلا أن ا...