Skip to main content

Posts

فارمسي ون المثال الحي على تواضع إدارة خدمات الزبائن والشاهد على الاسترقاق المعاصر

قبل أن يصل الزائر من الزبائن لأي فرع من فروع سلسلة صيدليات "فارمسي ون" في الأردن يكون على علم ويقين تام في قرارة نفسه بأنه سيكون على موعد مع اختبار المقدرة على الصبر كونه سيكون مضطراً للانتظار في طابور طويل قبل الوصول للصيدلاني. على الرغم من أن هذه الظاهرة ليست جديدة العهد لدى "فارمسي ون"، التي تطلق على نفسها "سلسلة الصيدليات الرائدة في المنطقة"، إلا أنها مستمرة ولا تجد من يتبرع من القائمين على السلسلة لإيجاد الحل المناسب لها. المسألة على قدر بساطتها إلا أنها على قدر من التعقيد؛ فهي لا تخص "فارمسي ون" وحدها، كونها تعتبر في هذا المقام مثالاً حياً وشاهداً من شواهد تواضع خدمات الزبائن وإدارتها في معظم مؤسسات الأردن - خاصة الخدمية منها، لعدم إيلائها الأهمية التي تحتاجها، ما ينعكس سلباً على تقدمها، ويشير بدوره لتواضع كل من التخطيط الاستراتيجي العام، وتخطيط الموارد وتحديد أعداد الموظفين المناسبة بالنسبة لحجم العمل والإقبال على الخدمات، وتطوير هذه الموارد وتوفير بيئة عمل مثالية لها، والاستعداد والتكيف مع المتغيرات التي تشمل نمو قاعدة الزبائن، ...

العاصفة الثلجية جنى تكشف عن المزيد من المتخلفين أخلاقياً

سبحان الله كم من عقل وفؤاد منكوس وصاحبه لا يشعر. مثلما تكشف العواصف الثلجية عن سوء البنى التحتية في البلاد، فإنها تكشف أيضاً عن سوء الأخلاق وعن المزيد من المتخلفين أخلاقياً، ممن تنعدم لديهم السلوكيات الحضارية في التعامل مع الآخرين خاصةً في الشارع. مشاهد تتكرر في كل عاصفة ثلجية بذات التفاصيل المقيتة والسخيفة في آن واحد، أبطالها شخصيات صفيقة من تلك الفئة المتخلفة أخلاقياً، فترى في مشهد الشخصية غير المبالية بالآخرين، يأتيك فيه سائق مسرع فوق برك مياه الأمطار المتجمعة في الشوارع بسبب سوء التصريف ليرشق المارة من الواقفين أو المشاة على الأرصفة بحجة عدم التنبه لوجودهم أو على سبيل معاكسة الفتيات منهم، فيما ترى في مشهد آخر الشخصية المحبة لمفاجأة الآخرين ومداعبتهم بمزاح ثقيل الظل ، يأتيك فيه مراهق يرشق زجاج المركبات الأمامي بكراته الثلجية التي تعب في تكويرها لشن معركة متعمدة يعرف مسبقاً أنه المنتصر بها. وفي مشهد ثالث، ترى الشخصية المتهورة،  يأتيك فيه الشاب العاشق للمغامرة والمخاطرة على حساب الآخرين، ليمارس بعضاً من حركات "التفحيط" للفت الانتباه إلى مهاراته الخارقة في القياد...

بالمختصر المفيد لا للتملق وتباً للمتملقين المتلاعبين بالمديح والإطراء لخدمة مصالحهم

صحيح أن قليلاً من المديح والإطراء لا يضير إطلاقاً، لكن إن كان صادقاً ونابعاً من القلب، وهادفاً لتعزيز الود وكسب القلوب، لكنه إن لم يكن صادقاً وإن زاد عن حده فإنه يدخل في دائرة التملق الذي يعني لغة الخضوع والتذلل والمداهنة والثناء الكاذب وتليين الكلام والمجاملة المزيفة لكسب رضى المتملق له من أجل تحقيق مآرب شخصية. من المؤسف أننا مضطرون للتعامل مع أشخاص سمتهم العامة التملق، تفرضهم الحياة علينا سواء في حياتنا الاجتماعية أو المهنية، الوضع الذي يفرض علينا بالتالي التعامل مع فئة أخرى أسوأ من الأولى دون الوقوع في فخ التملق ودون التخلي عن مبادئنا وأخلاقياتنا، وهي فئة الضئيلين في أنفسهم، الذين لا يتنفسون ولا يشعرون بوجودهم سوى من خلال التملق لهم، كونهم من الباحثين عن قيمتهم في وجوه الآخرين وكلمات مديحهم. الأشخاص من هاتين الفئتين خاصة في أماكن العمل يعتقدون بذكائهم الاجتماعي الخارق، وبتمتعهم بمحبة الآخرين لهم لجاذبية شخصياتهم وتفرد أفكارهم، وبقدرتهم الكبيرة على إخفاء نواياهم الحقيقية وراء التملق وتلقيه، إلا أن الحقيقة عكس ذلك تماماً؛ فالذكاء الاجتماعي يتطلب العمل والصبر والمجاملة ا...

دلائل مشروعية العمليات الاستشهادية تقول قاوم ولا ترحم يا فسلطيني

العمليات الاستشهادية القائمة على تفجير النفس بين الأعداء أو الاقتحام عليهم أو دفعهم إلى المهالك من أجلى صور الجهاد في زماننا، وليست من الانتحار بشيء؛ ذلك أن الانتحار بالمفهوم الفقهي هو إزهاق النفس وإلقائها إلى التهلكة دون مبرر شرعي، بينما الاستشهاد هو من طرائق قضاء الأجل في سبيل الله بأرض المعركة والحرب، وفي سبيل نصرة الدين أو الدفاع عن الوطن، فمن مات أو قتل دون ماله فهو شهيد، ومن مات أو قتل دون أهله فهو شهيد، ومن مات أو قتل دون دينه فهو شهيد، ومن مات أو قتل دون دمه فهو شهيد، علماً بأن لفظة "دون" تعني: الدفاع عن، وفي ذلك تفريق بين الأعمال الانتحارية التي تتم بلا هدف ويحاول المقدم عليها أن يضع حداً لحياته ضجراً وكراهية لها أو تلك التي تتم باسم الدين بعيداً عنه من منطلق الجهل التام لدى المقدم عليها، وبين الأعمال الاستشهادية التي تتم نكاية في العدو خاصة إن كانت ساحة الحرب معه مفتوحة كما في أرض فلسطين. وبعد التفريق لغوياً وفقهياً بين العمليات الانتحارية والاستشهادية، فإن قول الحق في مواضع عدة تؤكد على مشروعية العمليات الاستشهادية. ومن هذه المواضع قوله: "أعدّوا لهم ما ا...

لغويات الشارع وشتائمه ومزالق ترجمتها من الإنجليزية إلى العربية في الأعمال (السمع-بصرية)

تعتبر الترجمة السمع-بصرية (المواد الدرامية) كغيرها من أنواع الترجمات، فهي تخضع لكل مقومات الترجمة وشروطها، إلا أنها تعد الأصعب كون الترجمة تجري على نصوص مؤلفة باللغة العامية المحكية، الأمر الذي يتطلب أولاً تفكيك لغة الحوار العامي بما تتضمنه من مفردات وتركيبات لغويات الشارع التي تكون في أغلب الأحيان بذيئة، ومن ثم الانتقال إلى مرحلة الترجمة إلى العربية الفصيحة مع مراعاة نقل المفهوم والدلالة اللفظية من الإنجليزية إلى العربية دون الاقتصار على الترجمة الحرفية، وبما يتوافق مع الثقافة المجتمعية للشعوب العربية المختلفة لتجنب الوقوع في فخ اللهجات وإنتاج نصوص بعبارات مفخخة، أو قاصرة، أو خالية من المعنى، أو غير متناسبة مع المواقف التي استخدمت بها، أو غير مقبولة على مستوى المجتمع وذوقه العام، أو إنتاج نصوص بعبارات ومفردات تحمل معانٍ مخفية. وفي الواقع، فإن الترجمة (السمع-بصرية) ليست بالأمر السهل على الإطلاق؛ إذ أنها تتطلب إلى جانب المعرفة والخبرة في إدراك لغويات الحوار العامي والشارع والشتائم - والتي تكتسب عادة من النزول إلى الشارع - تمتع المترجم بأخلاقيات الترجمة المتضمنة الرقابة الذاتية، لم...

لا تضعوا لنا صور أطباقكم إلا إن كانت تشبه أطباق قناة فود نتورك أيها السايكو-إلكترونيون

مع التطور الهائل للتقنية ووسائلها وأجهزتها وانتشار استخدامها بين الناس على نطاق واسع، كشفت التكنولوجيا عن وجهها القبيح، كما كشفت عن وجه آخر لبعض مستخدميها؛ فلم يعد هناك من يستطيع العيش دون الانخراط في أحد وسائلها التي أصبحت تتحكم في أدق تفاصيل الحياة اليومية وفي السلوكيات التي تشير لأمراض نفسية "سايكو-إلكترونية" ولدتها التقنية أو كشفت عن وجودها خاصة مع الإفراط في إساءة استخدامها الذي انعكس سلباً على الارتباط مع البشر والمشاعر لصالح الارتباط مع الأجهزة والآلات. ومن أهم إفرازات التكنولوجيا النفسية مشكلة إلغاء خصوصية الحياة، نظراً للرغبة الدائمة بنشر تفاصيلها على تفاهتها أحياناً وعلى انعدام أهميتها بالنسبة للآخرين ومشاركتها معهم رغم أنوفهم، كمشاركة الجميع بطبق اليوم ووجبة اليوم مهما كانت ومهما كانت مكوناتها وشكلها ومكان تناولها، الأمر الذي ينم عن قدر كبير من حب الاستعراض والتباهي، كما ينم عن الشعور بنقص كبير في الحياة الواقعية لا يعوض عنه سوى جمع أكبر عدد من الإعجابات والتعليقات التي تأتي كنوع من التواصل الصامت والمجاملات الافتراضية لإبقاء العلاقة مع أصحاب الصور على قيد ال...

متى ستكسر النساء المعنفات حاجز الصمت ومتى سيتخطين المعاناة؟

شر البلية ما يضحك، نعم لأنه من اللافت للنظر إلى أن التوجهات العامة المتعلقة بتمكين المرأة تتمحور حول تمكينها اقتصادياً، وحول إيجاد السبل الناجعة لإشراكها في تنمية مجتمعها المحلي وتعزيز مشاركتها في تطويره والارتقاء به، بالتزامن مع إغفال قضية تمكينها من حقوقها وتفعيل قدراتها بعد تحريرها من إسقاطات الثقافة المجتمعية الذكورية الظالمة، وقبل ذلك وبعده اعتبارها والتعامل معها كإنسان ذي كرامة آدمية وفق مقتضيات الإنسانية والأخلاق، لها حقوق بما فيها الحقوق الإنسانية قبل كل شيء وعليها واجبات. كيف للمرأة أن تتمكن من تطوير مجتمعها وهي لم تتمكن بعد من تطوير ذاتها التي لم تزل خارجة عن سيطرتها حتى وقتنا الحالي، كما لم تتمكن من الحفاظ على كرامتها من الامتهان وعلى صون حقوقها الإنسانية وعلى كسر حاجز الصمت وتخطي المعاناة التي تشق صدرها وتدفعها للجنون أحياناً، لما تتعرض له من عنف بمختلف أشكاله، اللفظي والنفسي والجسدي والعاطفي والجنسي. لقد راودتني نفسي كثيراً بأن أتصل مع المجلس الوطني لشؤون الأسرة أو مع برنامج إدارة حماية الأسرة أو حتى مع الشرطة للإبلاغ عن عائلة جائرة، كلما سمعت صرخات تلك الصبية واستغا...