ليس لأحد حب أعظم من هذا الحب
هو كالأسرار الإلهية، أعصى من أن يدرك، وأسمى من أن يُحد مداه، يبدأ دون
استئذان ولا شرط، يشعل في النفس حرارة الروح السلام التي لا يهبها سوى خالق الروح،
يحيي القلوب، ويسمعها كل ألحان الوداد، فتورق أملاً وتصفو.
هو كأشعة الشمس الجريئة بنوره الساطع الذي يشع حياة وصفاء، لا تحجبه غيوم،
ولا يمنعه مانع من اختراق أغوار الوجود وتحريك الأعماق، هو الحب النقي نقاء السماء،
الندي كالسحاب، السخي كحبات المطر يروي الظمأ ويسقي القلب والروح غيثاً غدقاً بلا
توقف ولا ملل.
هو الذي تصغر أمامه الدنيا بما فيها، هو الكيان، ومستودع الحنان، هو الذي
لا يعرف طريقاً للفناء، ولا درباً للإيذاء.
هو الحب الذي يجمع الكيمياء والأحياء والتاريخ والفلسفة، هو الحب
الذي يمنح عصارة ومذاق الألفة والمودة العالية، هو الحب الذي يسقي بساتين الحواس.
هو الحب بريء الذمة، هو تلك المسحة على الرأس، وتلك القبلة من هنا والأخرى من
هناك، هو ذلك العناق الذي يأتيك بسبب وبغير سبب، هو نثريات الحنان والكلمات الطيبات التي يبعثرها حنين الاشتياق من فؤاد صغير شقي
سيظل طفلاً في الثانية من عمره في عيني مهما بلغ، هو ذلك "الليث" الصغير
بسنوات عمره، الكبير الكريم برصيده العاطفي، العالي ببنائه الوجداني، المحيي لفن
الخالات، ورادّ الاعتبار للحكمة الفلسفية: "إذا تقاربت القلوب فلا يضر تباعد الأبدان".
تلك أنا سقياً، وهذه حبات عشقي الملائكي ليثاً، يمطر على العمر مواسم فرح وحب وسعها
كوسع الفضاء.
Comments
Post a Comment