الخروج من حظيرة القطيع الأول
ولما اعتلى
الإنسان هرم المملكة الحيوانية بفعل تطور العقل البشري وتوهج قوة الفكر والاستعداد
الأخلاقي التي أفرزت تحولات نحو الفكر الفلسفي المعاصر والحداثة النفسية والأخلاقية
والاجتماعية والسلوكية، إلا أنه لا يزال عالقاً في منزلقات النزعات البدائية الكامنة،
ممتنعاً عن الخروج عن المساحات الضيقة.
الخطأ يكمن
في الرغبة في التجديد والتميز في ظل البناء والتصور المفاهيمي الذي يستند لثقافة
القطيع الأول، والذي يزيد الذات المفتقرة للنضج الاجتماعي والرشد الأخلاقي
والمعنوي ارتباكاً، فيصيرها إلى ذات منفصمة تتغطى بقشور مدنية مغشوشة، وتختبئ وراء
مسميات وهمية وشعارات زائفة، بدلاً من تقريبها للمعنى والجوهر.
إن أشق
الحروب هي حرب الإنسان مع نفسه وإن الإنسان يرتقي بالبحث عن المعنى، وبالتوفيق بين
المعنى والواقع، فحرر إرادتك الإنسانية وعقلك، واعرف نفسك، وأصلح بين ظاهرك وباطنك،
ولا تنمق الكلم فتبيعه أو تشتريه، ولا تكن أسيراً للعناوين في حالة من التسامي، لا
تنفصل فيها القيم عن الحقيقة والواقع ولا تتحول ضمنها إلى مجرد مفردات،
ليكون حينها فقط الاندفاع خارج حظيرة القطيع،
خارج عالم الصورة إلى عالم المعاني.
Comments
Post a Comment